القائمة الرئيسية

الصفحات











بيوع بحريه

marine sales - ventes maritimes


 البيوع البحرية
محمد سامر عاشور
ظهرت البيوع البحرية في التجارة الدولية وبقيت مدة من الزمن من دون تدخل الدول بتنظيمها في قوانينها. وأول القوانين التي تناولت تنظيم البيوع البحرية قانون التجارة العراقي رقم 60 لعام 1943م، تلاه قانون التجارة البحرية التونسي رقم 13 لعام 1962م، فالقانون البحري الفرنسي رقم 8 لعام 1969م الخاص بالبيوع البحرية وتجهيز السفن. ولم يتطرق القانون السوري لتنظيم البيوع البحرية على الرغم من ضرورة ذلك لبيان القواعد العامة لتلك البيوع الدولية ولاسيما أن غرفة التجارة الدولية قد وضعت ما يسمى بالقواعد الدولية لتفسير المصطلحات التجارية التي يطلق عليها (الانكوترمز) في إطار تسهيل المبادلات التجارية بين الدول  وتدعيمها، وتعد البيوع البحرية الأداة الرئيسية لها.
والبيوع البحرية هي تلك البيوع التي يكون موضوعها بضائع يتم نقلها بحراً. فيكون لدينا عقدان، عقد بيع وعقد نقل بحري.  
وتنقسم البيوع البحرية إلى نوعين: بيوع تتم في ميناء القيام وهذه البيوع تشمل البيع سيف CIF والبيع فوبFOB. وهناك البيوع التي تتم في ميناء الوصول، والتي قد تكون بسفينة محددة أو غير محددة. وتتجلى أهمية التمييز بين نوعي البيوع البحرية لدى انتقال ملكية البضاعة وبالتالي انتقال المخاطر المتعلقة بملكية تلك البضاعة. ففي البيع في ميناء القيام يحصل ذلك الانتقال لدى القيام فيتحمل المشتري مخاطر الرحلة البحرية، أما في البيع في ميناء الوصول حيث تنتقل ملكية البضاعة والمخاطر إلى المشتري لدى الوصول فتكون مخاطر الرحلة البحرية على عاتق البائع.
البيوع البحرية التي تتم في ميناء القيام هي تلك البيوع التي يتفق فيها البائع والمشتري على أن يكون تسليم البضاعة المبيعة في ميناء القيام، وتتعدد أنواع هذه البيوع.
فقد تكون البيوع البحرية في ميناء القيام معقودة على نحو يلتزم فيه البائع بمقتضى عقد البيع ذاته ليس فقط تسليم البضاعة المبيعة في ميناء القيام، وإنما أيضاً إبرام عقد النقل عليها كالبيع (cost and freight) C&F، وأحياناً أخرى إبرام عقد التأمين عليها كذلك كالبيع سيف (cost, insurance and freight) CIF. ومن الممكن أن تتخذ البيوع البحرية في ميناء القيام صورة يكون فيها التزام البائع تسليم البضاعة المبيعة في ميناء القيام على ظهرالسفينة كالبيع فوب (free on board) FOB، أو فقط تسليمها على رصيف الميناء كالبيع فاس FAS (free alongside ship).
1 - البيع البحري سيف CIF:
أ - تعريف البيع (سيف):
البيع (سيف) هو ذلك البيع الذي يتضمن التزام البائع تسليم البضائع على ظهر السفينة في ميناء القيام وإبرام عقد نقلها إضافة للتأمين عليها، وذلك في مقابل التزام المشتري دفع مبلغ من المال يشمل ثمن البضاعة costومبلغ التأمين عليها insurance وأجرة نقلها freight؛ ولذلك يطلق على هذا البيع اختصاراً سيف CIF، أما البيع C &Fفلا يلتزم البائع إلا إبرام عقد النقل من دون إبرام عقد التأمين في مقابل التزام المشتري دفع ثمن قيمة البضاعة وأجرة نقلها. وتنطبق على هذا البيع القواعد التي تطبق على البيع (سيف).
ب - آثار عقد البيع (سيف):
البيع (سيف) عقد تترتب عليه التزامات تقع على عاتق البائع، والتزامات أخرى تقع على عاتق المشتري.
q التزامات البائع:
(1) يقع على عاتق البائع التزام تسليم البضاعة المبيعة على النحو المتفق عليه في العقد بالنوع والمقدار. وفي حال إخلال البائع بالتزامه هذا بأن كانت البضاعة كميتها أقل لدى التسليم أو اختلف نوعها فإن للمشتري أن يطلب فسخ البيع. 
وبمجرد شحن البضاعة على السفينة في ميناء القيام فإن ذلك يعد تسليماً لها إلى المشتري. ويقوم البائع لدى الشحن بالكشف على البضاعة بوساطة خبراء والحصول على شهادة بصلاحيتها ونوعيتها تفادياً للإشكاليات مع المشتري حول نوع البضاعة. وشهادة النوعية الممنوحة بعد الكشف لا تمنع المشتري من الكشف على البضاعة، فيجوز للمشتري فحص البضاعة عند الوصول وإثبات عكس ما احتوته شهادة النوعية الممنوحة للبائع.
(2) يلتزم البائع كذلك إبرام عقد النقل البحري (شحن البضاعة) ودفع أجرة النقل والتأمين على البضاعة. ويتوجب أن يتم الشحن في الميعاد المحدد في العقد وعلى ظهر السفينة التي يختارها البائع في ميناء القيام. وإذا أخل البائع بالتزامه الشحن في الميعاد المحدد كان للمشتري فسخ العقد والمطالبة بالتعويض عما يكون قد أصابه من ضرر جراء ذلك التأخير في الشحن.
(3) يلتزم البائع بعد شحن البضاعة المبيعة على السفينة إرسال الوثائق الخاصة بها إلى المشتري. وتتضمن وثيقة الشحن البحري التي تخول المشتري تسلم البضاعة لدى الوصول، ووثيقة التأمين وكذلك فاتورة البضاعة ووثائق الجمرك وغير ذلك من الوثائق الخاصة بالبضاعة، كشهادة المنشأ.
وشحن البائع البضاعة على السفينة في ميناء القيام يؤدي إلى انتقال ملكيتها إلى المشتري منذ القيام بالشحن. وتتم عملية تعيين للبضاعة وإفرازها لدى شحنها على ظهر السفينة.
وتنتقل مخاطر الرحلة البحرية التي تتعرض لها البضاعة المبيعة إلى المشتري مع انتقال ملكية البضاعة إليه، وبالتالي  تقع تبعة هلاكها أو تلفها في أثناء الطريق على عاتق المشتري.
وإذا كانت ملكية البضاعة ومخاطر نقلها تنتقل إلى المشتري بمجرد إفرازها عند الشحن فإن البضاعة المشحونة صباً على السفينة (كالنفط) والمبيعة لأكثر من مشترٍ - في مثل هذه الحالة يصعب إجراء الإفراز وتعيين البضاعة عند الشحن - يذهب الرأي الراجح فقهاً وقضاء إلى أن ملكية البضاعة المشحونة تكون شائعة بين المشترين منذ الشحن على أن توزع عليهم عند الوصول بحسب حصة كل منهم، وبنسبة هذه الحصة أيضاً فإنهم يشتركون في تحمل مخاطر نقلها بحراً.
q التزامات المشتري:
يلتزم المشتري دفع الثمن المتفق عليه، ويشمل قيمة البضاعة وأجرة نقلها وقسط التأمين. ويكون الثمن مستحق الوفاء بمجرد إرسال المستندات الخاصة بالبضاعة إلى المشتري من دون انتظار لوصول البضاعة ذاتها إلى ميناء الوصول.
وقد جرى التعامل على وجود وسيط بين البائع والمشتري. هذا الوسيط هو المصرف الذي يقوم بدور مهم في عملية الاعتماد المستندي. إذ يطلب المشتري من مصرفه أن يفتح اعتماداً في حدود مبلغ قيمة البضاعة وأن يتعهد بالوفاء «بالكمبيالة» التي يسحبها عليه البائع مقابل تقديم المستندات الممثلة للبضاعة إليه. فيرسل المصرف إلى البائع خطاب فتح اعتماد لمصلحته في حدود مبلغ معين ويتعهد فيه بالوفاء «بالكمبيالة» لدى تقديمها. وعند وصول هذا الخطاب إلى البائع يقوم بسحب كمبيالة مستندية على المصرف يرفق بها الوثائق المطلوبة ويقوم بخصمها لدى المصرف الذي يعامله  فيحصل على ثمن البضاعة على الفور. ثم يتقدم مصرف البائع بالكمبيالة والوثائق المرفقة بها إلى مصرف المشتري مطالباً بالوفاء بتاريخ الاستحقاق؛ فيقوم مصرف المشتري بالوفاء بعد معاينة الوثائق والتأكد من مطابقتها لتعليمات عميله. عندئذٍ يكون مصرف المشتري حائزاً للمستندات التي تمثل البضاعة، فيقوم بتسليمها لزبونه مقابل قيمة الكمبيالة والنفقات والعمولة.
2- البيع البحري فوب FOB
في البيع (فوب) FOB (free on board) يلتزم البائع تسليم البضاعة المبيعة في ميناء القيام على ظهر السفينة التي يحددها المشتري، مقابل التزام المشتري دفع الثمن. ويترتب على ذلك أن نفقات الشحن إنما تكون على عاتق المشتري.
وقد يقتصر التزام البائع على تسليم البضاعة على رصيف الميناء. ويسمى البيع في هذه الحالة بالبيع فاس FAS (free alongside).
البيوع في ميناء الوصول هي تلك البيوع التي لا يتم فيها تسليم البضاعة المبيعة أو نقل ملكيتها إلى المشتري إلا في ميناء الوصول. والبائع في هذا النوع من البيوع هو من يتحمل تبعة هلاك البضاعة المبيعة في أثناء النقل البحري، إضافة إلى تحمل أجرة النقل والتأمين على البضاعة.
والبيوع البحرية في ميناء الوصول على نوعين، وهما:
1- البيع بسفينة محددة:
البيع بسفينة محددة يكون باتفاق طرفي البيع على أن يكون نقل البضائع على سفينة محددة، وأن يكون تسليم البضاعة المبيعة وسداد قيمتها في ميناء الوصول، ومخاطر النقل في هذه الحالة تقع على عاتق البائع.
وتتبدى أهمية تحديد السفينة هنا في حال ما إذا هلكت البضاعة في أثناء نقلها بحراً بفعل القوة القاهرة، إذ لا يكون على البائع التزام تسليم المشتري بضاعة مماثلة لتلك الهالكة؛ لأن نقلها في سفينة محددة يعد تعييناً للبضاعة المبيعة منذ ميناء القيام.
2- البيع بسفينة غير محددة:
وفي هذا البيع يلتزم البائع نقل البضاعة المبيعة إلى ميناء الوصول في ميعاد محدد، ويتم النقل هنا على متن سفينة يختارها البائع نفسه من دون أن تكون محددة في العقد.
ولا يتم تعيين البضاعة وإفرازها في هذا البيع إلا لدى الوصول وتسليمها للمشتري. ومن ثم إذا هلكت البضاعة في أثناء الرحلة بفعل القوة القاهرة فإن هلاكها يكون على عاتق البائع كما في البيع بسفينة محددة. إلا أن الفرق بين نوعي بيوع الوصول هنا هو أنه لا يترتب على هلاك البضاعة في أثناء الرحلة البحرية بفعل القوة القاهرة في البيع بسفينة غير محددة انقضاء التزام البائع، إذ يتعين عليه في هذه الحالة تسليم المشتري بضاعة أخرى مماثلة للبضاعة الهالكة، وللمشتري المطالبة بذلك.
لسند الشحن البحري دور مهم في البيوع البحرية فهو يمثل البضاعة المشحونة بحراً، أي إنه يمثل الأشياء محل تلك البضاعة، وتظهر فائدة سند الشحن في أن حيازته تقوم محل حيازة البضاعة خلال الرحلة البحرية في أثناء النقل البحري على الرغم من حيازة الربان المادية للبضاعة. وسند الشحن هو الذي يعطي حائزه حق طلب تسلم البضاعة عند الوصول وحق التصرف بها، وكذلك حق مطالبة الناقل بالتعويض في حال تلف البضاعة بفعله مما يستدعي مساءلته. وبما أن البضاعة في حيازة الربان فلا يمكن تداولها تداولاً مادياً؛ لذا فإن سند الشحن هو الذي يمثل البضاعة وبالتالي تتم حيازة السند الممثل للبضاعة، ذلك أن حيازة هذا السند هي التي تمثل الحيازة المادية للبضاعة فغدا سند الشحن هو أداة الحيازة الرمزية للبضاعة، وبذلك أيضاً يكون لسند الشحن الدور الكبير في الرهن الحيازي أو البيع؛ فيمكن لحائز سند الشحن رهن البضاعة أو بيعها بتسليم السند الممثل للبضاعة المرهونة أو المبيعة للمرتهن أو المشتري. ولسند الشحن البحري الدور الكبير أيضاً في الاعتمادات المستندية التي تصدر عن المصارف في البيوع الدولية، فالاعتماد المستندي غير القابل للإلغاء ينطوي على تعهد المصرف فاتح الاعتماد للبائع بسداد ثمن البضاعة إذ يقوم المصرف بحيازة المستندات التي تمثل البضاعة فتصبح تلك المستندات ضماناً للمصرف عند أي طارئ على عملية البيع. وفضلاً عن أن سند الشحن البحري يمثل البضائع المشحونة فإن سند الشحن البحري هو أداة لإثبات عقد النقل البحري للبضائع. وسند الشحن يمثل البضاعة المنقولة بحراً من خلال البيانات التي تتطلبها القوانين والمعاهدات الدولية ذات الصلة كمعاهدة سندات الشحن.
1- بيانات سند الشحن البحري:
سند الشحن هو وثيقة عقد النقل البحري، وقد نصت المادة 213 من قانون التجارة البحرية لعام 2006 على أن «يصدر الناقل بناء على طلب الشاحن عند استلام البضائع وثيقة شحن». ويجد سند الشحن مكاناً له حتى في حالة إيجار السفينة، إذ يحرر سند الإيجار بوصفه وثيقة مثبتة للعقد ويحرر سند الشحن لإثبات واقعة الشحن ذاتها. أما إذا كان العقد المبرم هو عقد النقل البحري فإن سند الشحن يعد مثبتاً للعقد والشحن معاً.
وأورد المشرع في المادة 214 من قانون التجارة البحرية تعداداً للبيانات التي يجب ذكرها في سند الشحن، وهي كما يأتي:
أ- اسم المتعاقدين: يجب أولاً أن يذكر في سند الشحن اسم الناقل والشاحن. أما المرسل إليه فلا يكتب اسمه في سند الشحن إلا إذا كان شخصاً آخر غير الشاحن، وكان سند الشحن اسمياً أو للأمر.
ب- بيان البضاعة المشحونة: يندرج ضمن محتوياته تحديد للبضاعة المشحونة من  حيث نوعها ووزنها وحجمها وعلاماتها. ولهذا البيان أهمية كبيرة؛ إذ يتم حساب أجرة النقل على أساس هذا البيان، ويقدر المرسل إليه مقدار التعويضات المتوجب دفعها من الناقل نتيجة هلاك البضاعة أو تلفها. وللناقل الحق في التحقق من صحة ذلك البيان ومطابقته للبضائع لأنه هو المسؤول عن تسليمها على النحو المبين في سند الشحن. وفي الواقع العملي ربما لا تتوفر لدى الناقل القدرة اللازمة لتفحص البضاعة والتحقق من وزنها وحجمها ولاسيما أن عملية الشحن يجب أن تتم سريعاً لكي لا تبقى البضاعة على رصيف المرفأ طويلاً أو تتأخر السفينة عن السفر.
وعليه جرى العمل من قبل الناقل على إبداء تحفظات عند كتابة البيان المتعلق بالبضاعة. فيدون هذا البيان في سند الشحن كما قدمه إليه الشاحن من دون مراجعته أو التحقق من محتواه مع النص في السند على أن «البضاعة مجهولة الوزن أو المقدار أو المقاس أو المحتويات أو القيمة». أو أن «البيانات الخاصة هي بحسب قول الشاحن، أو غير معتمدة من الناقل».
ومثل تلك التحفظات تؤدي إلى إهدار قوة سند الشحن في الإثبات، وبهذا يدفع الناقل عن نفسه المسؤولية. ولما كان ذلك يؤدي إلى الإضرار بالشاحنين وبالمؤمنين على البضاعة فقد قضت المادة 215 من قانون التجارة البحرية بأنه على الناقل أو الربان أن يذكر في سند الشحن الذي يسلمه الشاحن علامات الطرود وعددها وكمية البضائع ونوعها وزنتها بناء على البيانات الخطية التي يقدمها الشاحن قبل الشحن. كما يجب أن تكون العلامات كافية لتمييز البضائع، وأن توضع على نحو تبقى دائماً سهلة القراءة. وعليه يقع على الناقل أو الربان واجب التحقق من صحة بيانات الشاحن الخاصة بالبضاعة، ولا يجوز له أن يضمن سند الشحن تحفظات خاصة بالبضاعة إلا في حالتين على وجه التحديد: الأولى، إذا كانت لديه أسباب وجيهة للشك في صحة البيانات التي قدمها الشاحن عن البضاعة، والثانية، إذا لم تكن لدى الناقل الوسائل العادية للتحقق من بيانات الشاحن عن البضاعة. يظهر من ذلك أن - فيما عدا هاتين الحالتين - أي تحفظات يبديها الناقل في سند الشحن لا أثر لها في مسؤوليته تجاه الشاحن.
ويتوجب على الناقل أن يبين في سند الشحن الأسباب الوجيهة التي دعته إلى الشك في صحة بيانات الشاحن، أو عدم توافر الوسائل العادية للتحقق منها (مادة 219 من قانون التجارة البحرية). وعندئذٍ يقع إثبات كل نقص أو تغيير على عاتق المرسل أو المتسلم. 
جـ- اسم السفينة إذا صدرت وثيقة الشحن عند الشحن أو بعده.
د- شروط عقد النقل: كمبلغ الأجرة ومحل السفر والمكان المقصود.
هـ- تاريخ إصدار السند: لابد أن يكون سند الشحن مؤرخاً حيث إنه يحدد وقت انتقال البضاعة إلى يد الربان وبالتالي مسؤوليته بدءاً من ذلك الوقت عن الأضرار التي تصيب البضاعة. كما أن المرسل الشاحن يستطيع أن يثبت بوجود ذلك التاريخ أنه قام بشحن البضاعة في التاريخ المتفق عليه وينفي بالتالي مسؤوليته عن التأخير في الشحن.
و- عدد النسخ: أوجب المشرع إصدار ثلاث نسخ من سند الشحن، تسلم نسخة للربان، وتسلم الثانية للشاحن، والثالثة للمرسل إليه. لكن العمل جرى على تحرير نسختين فقط من سند الشحن: إحداهما للربان الذي أصدر السند، والثانية للشاحن يبعث بها إلى المرسل إليه لكي يتسلم بها البضاعة. وليس هناك ما يمنع من زيادة عدد النسخ حتى يتمكن الشاحن من الاحتفاظ بنسخة لنفسه، ويرسل الباقي للمرسل إليه بطرائق مختلفة لضمان وصول إحداها إليه.
ز- توقيع الربان والشاحن: للدلالة على التزام العقد، وفي حالة التباين بين وثيقة الشحن المتضمنة توقيع الشاحن وتلك المتضمنة توقيع الربان فإن كل نسخة تكون حجة على موقعها.
2- شكل سند الشحن البحري وتداوله:
يصدر سند الشحن البحري إما باسم شخص معين وإما للأمر وإما للحامل.
أ- سند الشحن الاسمي:
سند الشحن الاسمي هو ذلك الذي يصدر باسم شخص معين، وسند الشحن الاسمي غير قابل للتداول بالطرق التجارية، ويلزم لانتقال ملكية البضاعة التي يمثلها سند الشحن اتباع إجراءات حوالة الحق المدنية. وليس للربان تسليم البضاعة إلا للشخص المعين في سند الشحن أو الشخص الذي انتقل إليه الحق عن طريق حوالة الحق.
ب - سند الشحن للأمر:
قد يتخذ سند الشحن شكل سند للأمر، وفيه يذكر اسم المرسل إليه مسبوقاً بعبارة (لأمر). ويتداول سند الشحن للأمر بطريق التظهير، وهذا ما يجعله الأكثر شيوعاً في التعامل نظراً لسهولة تحويله، وينطبق على تظهير سند الشحن البحري القواعد المطبقة على الأسناد التجارية. وأوجب المشرع في تظهير سند الشحن أن يكون مؤرخاً، ويؤدي تظهير سند الشحن إلى نقل ملكية البضاعة التي يمثلها السند من المظهر إلى المظهر إليه. وليس للربان أن يسلم البضاعة إلا لحامل السند ولو كان التظهير على بياض، وليس للناقل أن يحتج على المظهر إليه بالدفوع التي كانت له في مواجهة الشاحن المظهر ما لم يثبت أن حامل النسخة هذه يتصرف بالوكالة عن الشاحن.
ج - سند الشحن للحامل:
من الممكن أيضاً أن يكون سند الشحن لحامله، ويتداول بطريق التسليم. وعلى الربان أن يسلم البضاعة لأي شخص يتقدم إليه ومعه سند الشحن. ولكن يندر في الواقع أن يتخذ سند الشحن هذا الشكل؛ نظراً للمخاطر التي يتعرض لها.
3 - حجية سند الشحن البحري في الإثبات:
أ- حجية سند الشحن فيما بين طرفيه:
يعد سند الشحن حجة كاملة في الإثبات فيما بين طرفيه الناقل والشاحن حيث تكون لبياناته حجية في إثبات عقد النقل سواء من حيث شروطه أم حقوق الأطراف الناشئة منه والتزاماتها. وهو حجة أيضاً في إثبات واقعة الشحن ذاتها، أي تسلم الناقل للبضائع على النحو المبين في سند الشحن. على أن حجية سند الشحن في العلاقة بين الناقل والشاحن ليست إلا حجية نسبية وليست مطلقة، فيجوز لأي منهما إثبات نقيض ما ورد بسند الشحن من بيانات شريطة أن يكون ذلك بدليل كتابي أو ما يقوم مقامه كالإقرار واليمين.
ب - حجية سند الشحن للغير:
ولسند الشحن الحجية ليس فيما بين طرفيه فحسب وإنما للغير أيضاً، وعليه إذا حصل خلاف بين الشاحن البائع والمرسل إليه المشتري بسبب عدم تسلم الأخير للبضاعة فإن للبائع أن يستند إلى سند الشحن في إثبات تنفيذ التزامه التسليم. وللغير في كل الأحوال أن يثبت نقيض ما جاء بسند الشحن بوسائل الإثبات كافة. ويستطيع الغير الاستناد إلى سند الشحن في مواجهة الناقل أو الشاحن لأن للسند حجية مطلقة في الإثبات لمصلحته. فإذا كان من الجائز إثبات نقيض بيانات سند الشحن الخاصة بالبضاعة في العلاقة بين الناقل والشاحن فإنه لا يجوز إثبات ما يخالف السند تجاه الغير.

مراجع للاستزادة:

- أحمد حسني، البيوع البحرية (منشأة المعارف، الإسكندرية، الطبعة الثانية 1983م).
- عبد القادر حسين العطير، الوسيط في شرح قانون التجارة البحرية (مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، عمان 1999م).
- فياض عبيد، البيوع البحرية والاعتماد المستندي، الجزء الأول (معهد البحوث والدراسات العربية، 1971م).
- محمد فريد العريني، محمد السيد الفقي، القانون البحري والجوي (منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان 2002م).
- علي جمال الدين عوض، العقود التجارية (دار النهضة العربية، القاهرة 1987م).
 المصدر: http://www.arab-ency.com/_/details.law.php?full=1&nid=164458

تعليقات